أم ذكية .. وأب متميّز
قال حكيم لابنه: يا بني ماذا تريد أن تكون عندما تكبر؟
فقال الابن: أريد أن أكون حكيماً مثلك يا بابا.
قال الحكيم: إذن لن تكون.
ثم علق الحكيم على كلام ابنه قائلاً: يا بني عندما كنت في سنك كان طموحي أن أكون مثل علي بن أبي طالب ] في حكمته وعلمه، فوصلت إلى ما تشاهده الآن.
فلو جعلت طموحك أن تصبح مثلي، فإنك ستحقق نصف طموحك.
0................................................. .....0
أقول بعد هذه المقدمة:
لكي يصبح الحوار بين الأب وابنه بمثل هذا الجو الصحي! يجب أن تكون العلاقة بينهما جيدة وصحية، وأتساءل مرة أخرى: ومتى تكون العلاقة جيدة وصحية بينهما؟ أقول: عندما يعيشان على منهج المرونة والحوار والتفاهم في كل شيء يحدث بينهما، من غير استخدام منهج المقاطعة والتهديد.
.................................................. .
هذا ما كنت أقوله في إحدى الدورات التدريبية، فوقف رجل وقال: دعني أذكر لك قصتي مع ابني الذي ضبطته وهو يعاكس إحدى الفتيات، فقلت له: تفضل وليستفيد الجميع من هذه التجربة، قال صاحبي: دخلت يوماً إلى المنزل ورأيت ابني الذي يبلغ ثمانية عشر عاماً، يعاكس فتاة عبر الهاتف، فغضبت غضباً شديداً لسببين: الأول لأننا عائلة محافظة وأنا وأمه ملتزمان ومتدينان، والثاني: أننا تعبنا في تربية ابننا تربية صالحة، فكان هذا الموقف لي صدمة، فكلمته بغضب وهددته إن كرر هذا الموقف، ثم قطعت عنه الهاتف، وقاطعته، فلم أكلمه أسبوعاً كاملاً، أما أمه فكان موقفها مختلفاً تماماً عني، فقد تعاملت معه بهدوء ورفق، وقالت له: يا بني إننا لا نمانع في أن تتحدث مع فتاة عبر الهاتف، ولكن ليكن ذلك ضمن الإطار الشرعي، فقال لها وكيف؟ قالت: إن كنت تريد خطبة هذه الفتاة والزواج منها فأخبرني من هي حتى أتعرف على أمها وأهلها، ولا مانع لدينا من حديثك معها، ولكن تحت أعيننا وليس من ورائنا، فإننا نثق بك ونحترم قراراتك، وأنت تعرف يا بنى كم أنا وأبوك نحبك، فبدأ الابن يركن إلى أمه ويبين لها أنه صادق في مشاعره تجاه الفتاة، وأنه لم يقصد المعاكسة، ولكن والده فهمه خطأ.
.................................................
يقول الأب: فذهبت وتكلمت معه بالأسلوب الذي تحدثت معه أمه، والحمد لله أن النتيجة كانت ممتازة وخيراً مما كنت أتوقع، وانتهت المشكلة.
نعم إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، وقد يحتاج الوالدان إلى استخدام سلاح التهديد والمقاطعة ولكن ليكن كالملح على الطعام، ونعود مرة أخرى إلى قصة الحكيم والحوار التربوي بينه وبين ابنه، إن مثل هذه التربية لا تؤتي ثمارها إلا في جو المودة والرحمة، وعلينا احتواء عيوبهم وانحرافاتهم بحبنا لهم وصدقنا معهم.
بالتوفيق للجميع